
تراجع واضح في "أفلام العيد".. كيف تغيرت قواعد اللعبة؟
في وقت كانت فيه دور العرض تكتظ بأفلام النجوم الكبار خلال مواسم الأعياد، يأتي عيد الأضحى السينمائي لهذا العام ليؤكد استمرار حالة الركود التي تسيطر على المشهد، حيث بات من المعتاد أن تضم قائمة أفلام العيد عملين أو ثلاثة على الأكثر، مقارنة بمواسم سابقة كانت تزدهر بالتنوع والتنافس المحموم.
وهي الظاهرة ذاتها التي تكررت خلال موسم عيد الفطر الماضي، لتطرح تساؤلات عديدة حول الأسباب التي دفعت بهذه الصناعة إلى هذا المنعطف.
هل تعود الأزمة إلى ضعف الإنتاج وارتفاع التكلفة؟.. أو أن المنتجين أصبحوا يفضلون مواسم بديلة؟.. أو أن المنصات الرقمية أصبحت الوجهة الجديدة لصنّاع السينما؟
أزمة حقيقية
الناقدة السينمائية ماجدة موريس اعتبرت أن ما تعيشه السينما المصرية اليوم هو تراجع حقيقي وظاهر، لا سيما في مواسم الأعياد والمناسبات، حيث أصبح عدد الأفلام المنتجة والمعروضة أقل من أي وقت مضى.
وقالت "موريس": "إذا راجعنا عدد الأفلام التي تنتج على مدار العام لن نجدها تتعدى الـ40 عملًا، وحتى حينما نحصيها نجد أن العدد الحقيقي أقل من هذا الرقم، وكنا في الماضي نجد أن هناك 8 أو 10 أفلام تُطرح في مواسم الأعياد المختلفة، لكن حاليًا لدينا أزمة، وهذا يظهر في الأعياد".
وأضافت: "الأزمة أصبحت حديث الجمهور، لكنها تمر أحيانًا بشكل عادي دون اتخاذ خطوات واضحة لمعالجتها، البعض يرى أن الأمر عادي، لذلك هذا يشعرني بالحزن، خصوصًا أن مصر أول بلد رأت السينما بعد باريس، ولا نريد أن نصل لتلك المرحلة".
وشدّدت على أهمية دعم الإنتاج السينمائي وتوفير بيئة مواتية لصناعة الأفلام، من أجل الحفاظ على مكانة السينما المصرية وريادتها في المنطقة.
مواسم بديلة
من جانبه، رأى الناقد السينمائي عصام زكريا أن التنافس على موسم العيد لم يعد بالقوة نفسها كما في السابق، مشيرًا إلى أن العوائد باتت تتركز في فيلم أو اثنين فقط، بينما تعاني باقي الأعمال من ضعف الإقبال.
وأوضح "زكريا": "الجمهور حاليًا يركّز على فيلم واحد، وإذا لم يجد مكانًا لمشاهدته قد يضطر لحضور فيلم آخر، لكن في النهاية الإقبال يكون محدودًا، خاصة مع عودة الناس سريعًا للدراسة والعمل، وهو أمر يؤثر على إيرادات باقي الأفلام في الأيام التالية للعيد".
وتابع: "بعض الأفلام لا تنتهي من مراحل تصويرها أو تجهيزها في الوقت المناسب للحاق بموسم العيد، ما يدفع منتجيها للبحث عن مواسم بديلة، وهو ما أثبت نجاحه أخيرًا، في العامين الماضيين رأينا أفلامًا كانت خارج موسم الأعياد وحققت نجاحات ملحوظة مثل فيلمي "الهوى سلطان" و"6 أيام".
وأشار إلى أن المنتجين أصبحوا أقل حرصًا على المنافسة في موسم العيد، وبدأوا في توزيع أفلامهم في أوقات أخرى مع التركيز على المنصات الإلكترونية وسوق التوزيع في الخليج، خاصة السعودية.
اتفاقات تفرض واقعًا جديدًا
أما الناقد السينمائي طارق الشناوي فكشف أن هناك تنسيقات تتم بين شركات التوزيع السينمائي لتحديد عدد الأفلام التي تُعرض خلال الأعياد، بما يضمن توزيعًا أكثر عدالة للإيرادات.
وقال الشناوي: "في السابق كانت الأفلام تُطرح بكثافة خلال مواسم الأعياد دون قيود، لكن أخيرًا أصبحت هناك اتفاقات بين شركات التوزيع لتحديد الأفلام التي ستُعرض، وتقليل عدد الاختيارات المتاحة للجمهور."
وأضاف: "هذه الترتيبات تسمح بتوزيع الإيرادات بشكل متوازن، اتفقوا هذا الموسم على تقليص عدد الأعمال المنافسة في التوقيت نفسه، لضمان توزيع الإيرادات بشكل يرضي كل الأطراف دون أن يتضرر أحد".
وأوضح أن هذا التوجه بات مقبولًا لدى جميع أطراف السوق السينمائية، بعدما أثبتت التجربة أن التكدس الكبير في مواسم الأعياد لا يخدم إلا فيلمين أو ثلاثة، بينما تتراجع إيرادات باقي الأعمال.