وفيات وخسائر بالمليارات وحرائق مستعرة.. "موجة حر تاريخية" تجتاح أوروبا

أدت درجات الحرارة القياسية إلى إغلاق المدارس في جميع أنحاء أوروبا، حيث تحملت إسبانيا والبرتغال وطأة موجة الحر.

ولقي أربعة أشخاص على الأقل حتفهم وسط هذا الطقس القاسي، بحسب "تايمز" البريطانية.

وسجلت أنحاء في أوروبا درجة حرار ة وصلت إلى 46 درجة، مع دخول موجة حر مبكرة، تلقي بظلالها على تغير المناخ ومحاولات التكيف مع الطقس المتطرف.

أوروبا الملتهبة

وأصبحت حرائق الغابات والجفاف أحداثًا متكررة في التقويم، وكذلك درجات الحرارة القصوى التي تشهدها القارة الأوروبية، لكن كل يوم يحمل معه الآن تهديدات تتعلق بالطقس لم يكن من الممكن تخيلها في السابق، بعد أن أُخلى سكان في تركيا من منازلهم بسبب حرائق الغابات.

في الوقت نفسه تشهد معظم أنحاء فرنسا حالة تأهب قصوى بسبب ارتفاع درجات الحرارة، كما أُغلق مفاعل نووي بسبب ارتفاع درجة حرارة أحد الأنهار التي يصب فيها الماء.

ومع ارتفاع درجات الحرارة في إيطاليا، ارتفعت حالات دخول المستشفيات بنسبة الخُمس في بعض المناطق، بحسب "تايمز" البريطانية.

كما شهدت إنجلترا أعلى درجات حرارة في شهر يونيو على الإطلاق، بمتوسط درجة حرارة بلغ 16.9 درجة مئوية.

ورغم أن المملكة المتحدة وصلت إلى 33 درجة مئوية يوم الاثنين، إلا أن موجة الحر التي تجتاح أوروبا لم تتأثر بها إلا بشكل طفيف.

ارتفاع درجة الحرارة في أوروبا

وحطمت إسبانيا والبرتغال الأرقام القياسية لشهر يونيو خلال عطلة نهاية الأسبوع، حيث بلغت درجات الحرارة 46 درجة مئوية.

إلى جانب ذلك طالت موجة الحر ألمانيا بعد أن سجلت مدينة أندرناخ في غرب البلاد 39.3 درجة مئوية (102 درجة فهرنهايت)، مسجلة بذلك أعلى درجة حرارة حتى الآن هذا العام، وفقا للبيانات الأولية من هيئة الأرصاد الجوية الألمانية.

وسجلت مدينة تانجيرهوت ديمكر في ولاية ساكسونيا انهالت ثاني أعلى درجة حرارة عند 39.2 درجة مئوية، في حين تبعتها مدينة كيتسينجن في بافاريا بـ 39.1 درجة مئوية.

وهذه الأرقام أقل من الرقم القياسي للحرارة على الإطلاق في ألمانيا وهو 41.2 درجة مئوية، والذي تم تسجيله في 25 يوليو 2019.

خسائر بمليارات اليورو

وقالت الوكالة الأوروبية للبيئة إن موجات الحر والفيضانات وحرائق الغابات تكلف أوروبا مليارات اليورو كل عام.

وفي عام 2023 وحده، كلفت الأحداث المرتبطة بالمناخ أوروبا أكثر من 45 مليار يورو.

وبحسب تحليل الوكالة الأوروبية للبيئة، كانت الأسباب الرئيسية للأضرار هي الفيضانات والعواصف والرياح والبرد، في حين تسببت موجات الحر في معظم الوفيات، وشهدت ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا أكبر الخسائر المالية.

ووصفت سامانثا بيرجيس، المسؤولة الاستراتيجية لشؤون المناخ في المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية متوسطة المدى، ومقره في ريدينغ وبون وبولونيا، الوضع بالاستثنائي.

ارتفاع درجة الحرارة في أوروبا

قالت: "عادةً ما نشهد موجة حر بهذه الشدة في أواخر يوليو أو أوائل أغسطس، لذا، فهذا أمرٌ غير معتاد، كما أن انتشارها غير معتاد، فهي تؤثر على معظم أنحاء أوروبا الغربية، من اليونان إلى جنوب المملكة المتحدة.

ضعف المعدل العالمي

ترتفع درجة حرارة أوروبا بمعدل ضعف المعدل العالمي، مما يعني أنها تتحمل العبء الأكبر من تغير المناخ.

وصرح علماء لصحيفة "التايمز" بأن السبب الرئيسي هو انبعاثات الكربون المتزايدة باستمرار التي تضخها البشرية في الغلاف الجوي.

كما أن مساحة أوروبا الشاسعة وقربها من القطب الشمالي، الذي ترتفع درجة حرارته بمعدل ثلاثة أضعاف المعدل العالمي، عاملان إضافيان.

كما أن جفاف شمال غرب أوروبا لا يُساعد في تحسين الوضع، فقد شهدت بريطانيا أشدّ ربيع جفافًا منذ أكثر من 50 عامًا، وسجلت محطة أرصاد جوية في بوتسدام، ألمانيا، أشدّ نصف عام جفافًا منذ بدء تسجيل البيانات قبل أكثر من قرن، ويزيد جفاف التربة من حرارة الجو، لأن جزءًا كبيرًا من طاقة الشمس يُسخّن الأرض بدلًا من تبخير الماء.

أوروبا أكثر رطوبة

وتزداد موجات الحر سوءًا، وأحد الأسباب هو أن الهواء الدافئ يحتفظ بالرطوبة، وبالتالي مع ارتفاع درجات الحرارة بسبب تغير المناخ، ستصبح أوروبا أكثر رطوبة، وهذا يُصعّب علينا التعرق والحفاظ على البرودة.

كانت موجة الحر عام 2003، التي أودت بحياة ما يقرب من 15 ألف شخص في فرنسا، غير مسبوقة في ذلك الوقت، لكنها ستصبح شائعة.

وقال بيرجيس إنه لا يزال بوسعنا فعل الكثير. "علينا الوصول إلى صافي انبعاثات صفري بأسرع وقت ممكن، لأن موجات الحر ستزداد سوءًا في ظل مناخ أكثر دفئًا. وعلينا أن نتكيف بشكل أكبر لتبريد المدن، والتخفيف من تأثير الجزر الحرارية الحضرية، وضمان وعي الناس بضرورة تغيير سلوكياتهم".

 

التعليقات